بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين.. مازلنا نسير مع عمر صانع حضارة، ولكن هناك سؤال.. هل هناك حضارة تقوم بدون المرأة؟ بدون وجود المرأة في المركز؟ الحضارة لن تقوم إلا بالمرأة..
هناك من ينظر للمرأة بنظره هامشيه، وهناك من ينظر إليها بنظرة احترام وتقدير، وهناك من يثق في قدراتها، وهناك من ينظر إليها بأنها جزء من نجاحه وجزء من مشروعه..
ونجد أن المرأة كان لها درو كبير في حياة عمر، فنجد أخته فاطمة بنت الخطاب كانت السبب في إسلامه، و الجاريه التي كانت تعمل عنده ومدى قوتها و تمسكها بالإسلام، وامرأة مهاجرة سألها لماذا تهاجرين؟ فقالت في سبيل الله.. فجعلن عُمر ينظر للمرأة من أنها هامشيه وغير مقدره إلى أنها مصدر ثقه وعامل أساسي لبناء الحضارة.
عُمر.. ونظرته للمرأة
مر عُمر بن الخطاب بأربع مراحل لنظرته للمرأة:
المرحلة الأولى : كانت نظرة هامشيه، كان عمر يقول: كنا لا نعد للمرأة أي قيمه وليس لها أي نصيب في أي شيء.
كانت هناك مجموعة من النساء يتحاورن مع النبي صلى الله عليه وسلم فأكثرن عليه وعلت أصواتهن فدخل عمر، فقامت النساء وكتمن أصواتهن وارتدين الحجاب، فضجك النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عمر: ماذا يضحكك يا رسول الله؟ بأبي أنت وأمي؟
فقال: كانت النساء تسألني وقد على صوتهن فلما جئت غطين وجوههن و كتمن أصواتهن.
فقال عمر: يا عدوات أنفسكن أتهابنني أكثر مما تهبن رسول الله؟
فقالت إحداهن: أنت أغلظ وأفظ من النبي صلى الله عليه وسلم.
هكذا كانت شخصية عمر..
أنظر إلى هذا الحديث.. كان عمر في المدينة وكان هذا بعد الإسلام، فكانت زوجته تراجعه في الحديث، فقال لها أتراجعينني؟ فقالت: لما لا أراجعك وابنتك حفصة وزوجات النبي تراجعن رسول الله؟ فذهب إلى السيدة حفصة وسألها: هل تراجعين رسول الله؟ فقالت: نعم وكل زوجات النبي يراجعن رسول الله.. من هنا بدأت نظرة عُمر تتغير..
المرحلة الثانية : نظرة احترام و تقدير..
كان رجل يريد التحدث إلى عمر بن الخطاب و يشتكي له من زوجته التي كانت ترفع صوتها وهي تتحدث إليه.. فعندما اقترب الرجل من باب البيت سمع صوت زوجت عمر وهي تتحدث إليه وصوتها يعلو صوت عمر، فأراد الرجوع.. فرآه عمر، فسأله عمر: أكنت تريدني؟
فقال: نعم، قال عمر: وما الذي أتى بك؟ قال: كنت أتحدث إلى زوجتي وكانت تراجعني وعندما جئت إليك وجدت زوجتك تراجعك.
فقال له عمر: تحملتني، غسلت ثيابي، بسطت منامي، ربت أولادي، تفعل كل ذلك ولم يأمرها الله بذلك. أفلا أتحملها إذا رفعت صوتها؟
الرحمة أيها الرجال بالنساء..
المرحلة الثالثة : الثقة في قدرات المرأة..
وهنا نجد قصة بائعة اللبن التي كانت تريد أن تخلط اللبن بالماء ورفضت الإبنه فعل هذا وقالت لها: يا أمي لقد منع عمر فعل هذا
فقالت الأم: إن عُمر لا يرانا.
فقالت الإبنه: ولكن رب عمر يرانا.
فذهب عمر وجمع أبنائه وقال لهم لابد من أن يتزوجها أحد منكم.
فقالو: لما يا أمير المؤمنين؟ فقال: لن تخرج من بيننا.
هل رأيتم مدى ثقة عُمر في المرأة وقدراتها ومدى تغيير نظرته للمرأة؟
المرحلة الرابعة : المرأة جزء من مشروع الحضارة..
قبل موت عُمر بأيام كان يقول: اللهم لا تحاسبني عن أرامل العراق.
كان يذكرهم كثيرا لأن هناك رجال كثيرين ماتو في حرب العراق مع الفرس وتركوا زوجاتهم.. فشعر عُمر بمدى معانتهم ومعاناة أبنائهم.
اللهم لا تسألني يوم القيامه عن عجائز العراق فقد أنفقت لهم، والله إني لأرجو أن أُغني أرامل العراق فلا يحتاجوا، يارب إنني والله فرقت المال لأغني أرامل العراق لكي لا يحتاجون لأحد.
ويفعل شيء آخر عظيم عندما فتح بلاد العراق وبلاد فارس عمل الزراع العمري وهي طريقة لقياس الأرض مماثل لعلم المساحة، و فعل هذا لتقسيم الأرض بالتساوي دون أن يظلم أحد وقال: أخشى أن أظلم نساء العراق.
هذا هو عُمر الذي كان يقول: والله ما كنا في الجاهلية نعطي المرأة من حق حتى جاء رسول الله فرأينا كيف رحم المرأة فتعلمنا من رسول الله..
فأصبح عُمر رحيمًا على خُطى النبي صلى الله عليه وسلم..
دور المرأة في المشروع الحضاري
لنرى ماذا فعل عمر بن الخطاب ليجعل المرأة جزء من مشروعه الحضاري..
أولاً : هو أول من أنشأ قرض للمشاريع الصغيرة و كان أول قرض لمرأة وكانت هند بنت عتبة.
ثانياً: عين أول وزيرة وكانت الشفاء بنت عبد الله، قال لها عمر لقد اخترتك لكي تكوني مسئولة عن الأسواق، فكانت تتابع الرجال والتجار الكبار، وبالرغم من عدم موافقة رجال السوق على تعيينها.. وقال له أحد الرجال لقد عينت علينا علقماً، فقال عمر وهو مبتسم: لا شفاء إلا بعلقم.
ثالثاً: تغيير قوانيين الحرب من أجل امرأة..
عندما كان يتفقد الناس وهم نائمون سمع امرأة تقول شعر في زوجها وهي حزينه على فراقه. فعلم أنها تريد زوجها وسأل عنه فوجده في الجهاد يحارب، فذهب لإبنته حفصة لكي يسألها كم تستطيع المرأة أن تبعد عن زوجها؟ قالت أربع أشهر، فقام بإجراء تغيير في قوانين التجنيد العسكري، بأن لا يغيب رجل عن بيته أكثر من أربعة أشهر.
الجهاد في سبيل الله يتغير من أجل المرأة.. هل رأيتم كم ديننا عظيم وهو يتناول حقوق المرأة؟
رابعاً: تعديل القوانين..
كان القانون يتيح للطفل بعد الفطام 200 درهم ، فكانت النساء تعجل بفطم الطفل قبل بلوغ سن الفطام لكي تأخذ المال، فعندما كان عمر يسير في الطريق سمع صوت بكاء طفل، فقال لأمه أرضعيه، فقالت: إنما أتركه ليفطم لكي يأخذ العطاء الذي يعطيه عمر بن الخطاب.
فقال: كل مولود يولد يأخذ 200 درهم قبل الفطام.
خامساً: إلغاء قانون..
ذات يوم صعد عُمر على المنبر وقال: لا تزيد المهور عن مبلغ معين لكي يشجع الرجال على الزواج، فقالت إمرأة: يا أمير المؤمنين هذا غير ما يقوله الله سبحانه و تعالى.
فقال: وما يقول الله؟
فقالت:وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا
فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عُمر.
أين أنتم أيها رجال من احترام المرأة..؟؟
سادساً: أعطى أعلى عطاء لزوجات النبي لكي يوزعوها على الفقراء لأنهم أعلم بتوزيعها.. انظروا مدى تقدير دور المرأة عند عُمر..
سابعاً: جعل المرأة جزء من خطط المعارك..
في موقعة اليرموك عندما أمر عمر بن الخطاب خالد بن الوليد بأن يأخذ معه عدد من النساء و يجعل منهم هند بنت عتبه لأنها شديدة ويأمرها أن تقف هي والنساء خلف الرجال، فإن أراد أحد الجنود الهروب تقف النساء في وجهه كي يعود للمعركة.
ثامناً: واجه التقاليد الصعبة..
كانت المرأة التي مات زوجها وتعيش مع ابنها لا يريدها أن تتزوج، فجاءت امرأة تطلب من ابنها الزواج بعد موت زوجها، فعلم عمر بن الخطاب.. فقال للشاب: إني قادم إلى بيتكم فذهب لبيتهم واستمع للمرأة، ثم فقال للشاب: زوج أمك فوالله لو كانت أم عمر بن الخطاب حية لزوجها عمر بن الخطاب.
أيضاً من التقاليد التي واجهها جعل الجدة ترث، فكان لا يوجد في القرآن نص لميراث الجدة، فجعل الجدة ترث.
جاء رجل وقال لعمر: أريد ان أَطلق زوجتي، قال عمر: لما؟ فقال: لا أحبها.
فقال له عمر: يا بني إن البيوت لا تبنى على الحب فقط، ولكن تبنى على حُسن العشرة وتُبنى على الأنسال، احفظ بيتك.
كم أنت رائع يا سيدنا عُمر..
احترموا المرأة و قدروها.. كونوا متحضريين في اعتمادكم عليها.
رسالة للآباء..
رسالة لكل أب.. لا تحرم ابنتك من المشاركة في عمل تطوعي، لا تحرم ابنتك من المشاركة في صنع الحضارة.. يا آباء ارحموا بناتكم.. يقول النبي: رفقاً بالقوارير..
وصية للبنات..
افعلي الخير.. بلدك تحتاج إليكِ.. الإسلام يحتاج إلى نجاحك وتفوقك وإبداعك.. ثقي في نفسك، حافظي على إيمانك وحافظي على تقاليدك، ستكوني صانعة حضارة.
قام بتحريرها: قافلة التفريغ والإعداد بدار الترجمة
Daraltarjama.com©جميع حقوق النشر محفوظة
يمكن نشر ونسخ هذه المقالة بلا أي قيود إذا كأنت للاستخدام الشخصي وطالما تم ذكر المصدر الأصلي لها أما في حالة أي أغراض أخرى فيجب أن يتم الحصول على موافقة كتابية مسبقة من إدارة الموقع
للاستعلام:management*daraltarjama.com